وأما عيسى -عليه السلام- فسمي بذلك لمسحه الأرض. وقيل: لأنه كان ممسوح الرجل لا أخمص له. وقيل: إن زكريا -عليه السلام- مسحه؛ فعلى الأول مسيح بمعنى فاعل، وعلى الثاني بمعنى مفعول.
وأما الدجال: فهو الكذاب سمي به؛ لتمويهه عَلَى الناس وتلبيسه عليهم. والدجل: طلي البعير بالقطران. فهو يموه بباطله، وسحره الملبَّس به. وقيل: لأنه يغطي الأرض بالجمع الكثير مثل دجلة تغطي الأرض بمائها.
والدجل: التغطية. يقال: دجل فلان الحق بباطله، أي: غطاه.
وقيل: سمي به لضربه نواحي الأرض، وقطعه لها. يقال: دجل الرجل بالتخفيف والتشديد مع فتح الجيم، ودجل بالضم أيضًا مخففًا.
وقوله:(يُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بهذا الرَّجُلِ؟) إنما قَالَ الملكان ذَلِكَ ولم يقولا: رسول الله، امتحانًا وإغرابًا عليه؛ لئلا يتلقن منهما إكرام النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفع مرتبته فيعظمه هو تقليدًا لا اعتقادًا، ولهذا يقول المؤمن: هو رسول الله، والمنافق: لا أدري، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت
وقوله:(قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ) هو بكسر (إن) مخففة من الثقيلة. وقيل: المعنى: إنك مؤمن كما قَالَ تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[آل عمران: ١١٠]. قَالَ القاضي: والأظهر أنها عَلَى بابها. والمعنى: إنك كنت موقنًا. وقد يكون المعنى: لموقنًا. أي: في علم الله كما قيل في قوله تعالى: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}[البقرة: ١٦] وكما قيل في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}.
وقوله:(نَمْ صَالِحًا) أي: لا روع عليك مما روع به الكفار من العرض عَلَى النار، أو غيره من عذاب القبر.