للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي "سنن ابن ماجه" من حديث عكرمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة أنه - عليه السلام - آلى من بعض نسائه شهرًا، فلما كان تسعة وعشرين راح أو غدا، فقيل: يا رسول الله، إنما مضى تسع وعشرون؛ فقال. "الشهر تسع وعشرون" (١).

وعبارة أبي محمد ابن حزم: صح أنه - عليه السلام - آلي من نسائه شهرًا، فهجرهن كلهن شهرًا، ثم راجعهن (٢).

إذا تقرر ذلك؛ فقد أسلفنا مدلول الإيلاء وقراءةَ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ} قالا: (٣) (يقسمون). أي: على الامتناع من نسائهم؛ لأنه لا يقال: آليت من كذا، إنما يقال: آليت على كذا، آليت لأفعلن كذا، لكنه [لما كان] (٤) معناه: آلي ليمتنعن من امرأته، وكثر استعماله، حذف ذلك لدلالة الكلام (٥) عليه. وقيل: آلى من امرأته، حكي هذا الفضل ابن سلمة عن بعض النحاة فيما ذكره الباجي في "منتقاه" عنه (٦).

والفراء قال: إن (من) هنا بمعنى (علي)، معناه: يُؤلون علي نسائهم.

واختلف العلماء في الإيلاء المذكور في القرآن، قال ابن المنذر: فروي عن ابن عباس: لا يكون موليًا حتى يحلف ألا يمسها أبدًا. وقالت طائفة: الإيلاء إنما هو آلى؛ حلف ألا يطأ أكثر من أربعة أشهر. هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، فإن حلف على أربعة أشهر فما دونها لم يكن موليًا، وكان هذا عندهم يمينًا


(١) ابن ماجه (٢٠٦١).
(٢) "المحلى" ١٠/ ٤٣.
(٣) أي: أُبي بن كعب، وابن عباس كما سبق.
(٤) زيادة يقتضيها السياق لإتمام المعنى، من "المنتقي".
(٥) "الاستذكار" ١٧/ ٨٦.
(٦) "المنتقى" ٤/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>