للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجملة، واختار البخاري إيقاف الأهل أبدًا إلى الوفاة يقينًا أو التعمير، ونبه على أن الغنم إنما يتصرف فيها خشية الضياع بدليل التعليل في الإبل. والإبل في معنى الأهل؛ لأن بقاء العصمة ممكن كبقاء الإبل مملوكة له (١).

فصل:

واختلف العلماء في حكم المفقود إذا لم يعرف مكانه وعمي خبره، فقالت طائفة: إذا خرج من بيته وعمي خبره أنَّ أمرأته لا تُنكح أبدًا ولا يفرق بينه وبينها حتى يوقن بوفاته أو ينقضي تعميره، وسبيل زوجته سبيل ماله، روي هذا القول عن علي (٢)، وهو قول الثوري وأبي حنيفة ومحمد والشافعي (٣)، وإليه ذهب البخاري والله أعلم، لأنه بوب كما سلف، وذكر حديث اللقطة والضالة.

ووجه الاستدلال من ذلك: أن الضالة إذا وُجدت ولم يعلم ربها فهي في معنى المفقود؛ لأنه لا يُعلم من هو ولا أين هو، فلم يزل الجهل به وبمكان ملكه عن ماله وبقي محبوسًا عليه، فكذلك يجب أن تكون عصمته باقية على زوجته، لا يحلها إلا بيقين موته أو انقضاء تعميره. وهذِه الزوجية ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، ولا تحل إلا بيقين قتله.

وقالت طائفة: تتربص أمرأته أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ثم تحل للأزواج، روي هذا عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن عمر وعطاء، وإليه ذهب مالك وأهل المدينة، وبه قال


(١) "المتواري" ص ٢٩٥.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ٥١٣ (١٦٧٠٣).
(٣) "مختصر اختلاف العلماء" ٢/ ٣٢٩، "مختصر المزني" ٥/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>