للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ شَيْئًا إِلَّا مَادَّتْ عَلَى جِلْدهِ حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أثَرَهُ، وَأَمَّا البَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ يُنْفِقُ إِلَّا لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا، فَهْوَ يُوسِعُهَا فَلَا تَتَّسِعُ". وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى حَلْقِهِ.

وقد سلف في الزكاة من هذا الوجه ومن طريقين آخرين عن أبي هريرة، وقال هناك "تخفي" بدل "تجن وقال هناك: "سبغت أو وفرت" بدل: "مادَّتْ".

وقال هناك: "لزقت" بالقاف بدل: "لزمت". وزاد هنا الإشارة، وراجع ذلك من ثم (١).

قال صاحب "العين": ماد الشيء مددًا تردد (وفي عرض، والناقة تمد في سيرها) (٢).

إذا تقرر ذلك؛ فالإشارة إذا فهمت وارتفع الإشكال منها محكوم بها، وما ذكره البخاري في الأحاديث من الإشارات في الضروب المختلفة شاهدة بجواز ذلك.

وأوكد الإشارات ما حكم الشارع به في أمر السوداء حين قال لها: "أين الله؟ " فأشارت برأسها إلى السماء، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة" (٣) فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أعظم أصل الديانة، الذي تحقن به الدماء، ويمنع المال والحرمة، وتستحق به الجنة، وينتجى به من النار، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك، فيجب أن تكون الإشارة عاملة في سائر الديانة، وهو قول عامة الفقهاء.


(١) سلف (١٤٤٣).
(٢) كذا في الأصول، وفي ابن بطال ٧/ ٤٥٦: تردد في عرض والناقة تمدد في سيرها.
(٣) مسلم (٥٣٧) كتاب المساجد، باب: الكلام في الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>