للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج بهذا الحديث الكوفيون والشافعي فقالوا: لا حد في التعريض ولا لعان به (١)؛ لأنه - عليه السلام - لم يوجب على هذا الرجل الذي عرض بامرأته حدًّا -وأوجب مالك الحد في التعريض واللعان بالتعريض إذا فهم منه القذف ما يفهم من التصريح (٢) - ولا على عويمر حيث قال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع أمرأته رجلاً فيقتله؟ الحديث. وأوله أصحاب مالك بأنه إنما جاء سائلًا مستشيرًا، يوضحه أنه- عليه السلام -لما ضرب له المثل سكت ورأى الحق فيما ضرب له من ذلك.

قال المهلب: والتعريض إذا لم يكن على سبيل المشاتمة والمواجهة وكان على سبيل السؤال عما يجهل من المشكلات فلا حد فيه، ولو وجب فيه حد لبقي شيء من علم الدين لا سبيل إلى التوصل إليه مع ذكر من عرض له في ذلك عارض.

ولا يجب عند مالك في التعريض حد إلا أن يكون على سبيل المشاتمة والمواجهة، يُعلم قصده، وستعرف اختلاف العلماء وبيان أقوالهم في التعريض في الحدود إن شاء الله.

وقد ضرب عمر رجلاً ثمانين لما قال: ما أنا بزانٍ ولا أمي بزانية. فاستشار في ذلك عمر فقال قوم: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لهما مدح غير هذا (٣).

وهذا احتياط منه لصيانة الأعراض، والظالم أحق أن يحمل عليه.


(١) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٣١١.
(٢) "المدونة" ٤/ ٣٩١.
(٣) "الموطأ" برواية يحيى ص ٥١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>