وكأنه - صلى الله عليه وسلم - أجاز لهم ترك تلك المسائل، فلما سألوه أجابهم، ولما رأى عمر حرصهم وقدر ما علمه الله خشي أن يكون ذَلِكَ كالتعنت له، والشك في أمره؛ فقال: إنا نتوبُ إلى الله.
وقال في الحديث الأتي:(رضينا بالله ربًّا) .. إلى آخره، فخاف أن تحل بهم العقوبة لتعنتهم له، ولقوله تعالى:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}[المائدة: ١٠١] ولهذا قَالَ لذلك السائل أين أبي؟ "هو في النار"؛ لأنه كان منافقًا مستوجبًا لها أو عاصيًا، وأبعد من قَالَ: إنه قاله عقابًا؛ لتعنته بسؤاله، فاستوجب ذلك.
خامسها:
قول الرجل:(مَنْ أبي؟) إنما سأله عن ذَلِكَ -والله أعلم- لأنه كان ينتسب إلى غير أبيه إِذَا لاحى أحدًا فنسبه - صلى الله عليه وسلم - إلى أبيه. قَالَ ابن بطال: وفي الحديث فهم عمر، وفضل علمه، وأن العالم لا يسأل إلا فيما يحتاج إليه (١).