حكمًا في كتاب الله يمكنه استعماله ولا يتبين له نسخه.
وهذا قول لم يقله أحدٌ من المفسرين غيره ولا تابعه عليه أحدٌ من فقهاء الأمة، بل اتفق جماعة المفسرين وكافة الفقهاء أن قوله:{مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} منسوخ بقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ويشهد لذلك الحديث السالف "وقد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول".
ومما يدل على خطئه أن الله تعالى إنما أوجب السكنى للمتوفى عنهن أزواجهن عند من رأى إيجابه في العدة خاصة، وهي الأربعة أشهر وعشر وما زاد عليها، فالأُمَّة متفقة أن المرأة فيها أجنبية من زوجها لا سكنى لها ولا غيره شاءت أم لم تشأ، وكيف يجوز أن تبقى في بيت زوجها بعد العدة إن شاءت وهي غير زوجة منه، ولا حمل هناك [يوجب حبسها به](١) ومنعها من الأزواج حتى تضعه.
وأيضاً فإن السكنى إنما كان في الحول حين كانت العدة حولاً، والسكنى ترتبط بها، فلما نسخ آية الحول بالأربعة أشهر وعشرًا استحال أن يكون سكنى في غير عدة.
وأما ابن عباس فإنه دفع السكنى للمتوفى عنها زوجها، وقال: قوله {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} الآية ولم يقل: يعتددن في بيوتهن، ولتعتد حيث شاءت.
وذهب إلى قول ابن عباس أن المتوفى عنها تعتد حيث شاءت علي وعائشة وجابر، ومن حجتهم: أن السكنى إنما وردت في المطلقة وبذلك نطق القرآن، وإيجاب السكنى إيجاب حكم، والأحكام لا تجب إلا بنص