قال ابن حزم: ولا يلزمه لها حلي ولا طيب، فإن منعها النفقة والكسوة وهو قادر عليهما، سواء أكان حاضرًا أو غائبًا، هو دين في ذمته، يؤخذ منه أبدًا، ويقضى لها به في حياته، وبعد موته من رأس ماله، يضرب به مع الغرماء، وليس عليه أن ينفق على خادمها، ولو أنه ابن الخليفة وهي بنت الخليفة، إنما عليه أن يقوم لها بمن يأتيها بالطعام والماء غدوة وعشية، وبمن يكفيها جميع العمل من الكنس والفرش، وإنما تجب لها النفقة مياومة، فإن أخرها أدب، وإن عجلها ثم طلقها بائنًا وعندها فطر يوم أو غداء أو عشاء قضي عليها برده إليه، وإن ماتت كان مأخوذًا من رأس مالها (١).
فصل:
من حجج من قال: لا تفريق، الآية السالفة {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة:٢٨٠] فوجب أن يُنْظر إلى أن يوسر. وبقوله:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}[النور: ٣٢] إلى قوله {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النور: ٣٢] فندب تعالى إلى إنكاح الفقير، فلا يجوز أن يكون الفقر سببا للفرقة، وهو مندوب معه إلى النكاح، واحتج عليهم من قال بالتفريق بحديث الباب، وهو نص قاطع في موضع الخلاف، وهو قولها:(إما أن تطعمني، وإما أن تطلقني). وقالوا أيضًا: المراد بالآية الثانية الفقير التي حالته منحطة عن حالة الغنى، لا الفقير الذي لا شيء معه أصلاً، بدليل أنه ندبه إلى النكاح، وأجمعوا أنه من لا يقدر على نفقة الزوجة غير مندوب إلى النكاح، وأما الآية الأولى