للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه إدخاله هنا كما قال المهلب: أن المعنى الجامع بينهما هو قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا}، فأباح لهم تعالى الأكل مجتمعين ومفترقين من بيت ملكوا مفاتحه بائتمان أو قرابة أو صداقة، وذلك أكل بغير مشاورة.

وذكر الكلبي في هذِه الآية قال: كانوا إذا اجتمعوا ليأكلوا عزل الأعمى على حدة والأعرج على حدة والمريض على حدة؛ ليقتصر أصحاب الآفات عن أكل الأصحاء، وكانوا يتحرجون أن يفضلوا عليهم، فنزلت هذِه الآية؛ رخصة لهم في الأكل جميعًا.

وقال عطاء بن يزيد: كان الأعمى يتحرج أن يأكل طعام غيره لجعله يده في غير موضعها، وكان الأعرج يتحرج ذَلِكَ؛ لاتساعه في موضع الأكل، والمريض؛ لرائحته، فأباح الله لهم الأكل مع غيرهم.

وذكر عن أبي العلاء المعري أنه كان لا يأكل إلا وحده ويقول: الأكل عورة وهو من الأعمى أشد.

ومعنى الآية كمعنى حديث الباب سواء، ألا ترى أنه - عليه السلام - حين أملقوا في السفر جعل أيديهم جميعًا فيما بقي من الأزودة سواء، ولا يمكن أن يكون أكلهم بالسواء أصلاً؛ لاختلاف أحوالهم في الأكل.

وقد سوغهم الشارع في ذَلِكَ من الزيادة والنقصان، فصار ذَلِكَ سنة في الجماعات التي تدعى إلى الطعام في النهد والولائم والإملاق في السفر، وما تملكت مفاتحه بأمانة أو قرابة أو صداقة ملك أن يأكل مع القريب أو الصديق وحدك.

وقد أسلفنا قريبًا تفسير النهد، وسلف في الشركة أيضًا وضبطه، وعبارة ابن التين: النهد ما يخرجه الرفعاء عند المناهدة، وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>