قطع عن الإضافة، ومن النصب عَلَى الظرف قوله تعالى:{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}[الأنفال: ٤٢] كما تقول: الركب أمامك، وأصله الصفة، وصار أسفل ظرفًا، والتقدير: والركب في مكان أسفل من مكانكم، ثمَّ حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، فصار أسفل منكم بمنزلة تحتكم، ومن لم يجعل أولًا صفة صرفه، يقول: ما ترك لنا أولًا ولا آخرًا.
وأما أصله، فقال الجوهري: أَوْأَلْ بهمزة متوسطة فقلبت الهمزة واوًا وأدغمت، يدل عليه قولهم: هذا أول منك، والجمع الأوائل، والأوائل: عَلَى القلب، وهذا مذهب البصريين، وقال الكوفيون: وزنه فوعل أصله وَوْأَل فنقلوا الهمزة إلى موضع الفاء، ثمَّ أدغموا الواو في الواو، وهو من وَأَلَ إِذَا نجا، كأن في الأول النجاة.
خامسها: في فوائده:
الأولى: الحرص عَلَى العلم والخير، فإن الحريص يبلغ بحرصه إلى البحث عن الغوامض، ودقيق المعاني؛ لأن الظواهر يستوي الناس في السؤال عنها؛ لاعتراضها أفكارهم، وما لطف من المعاني لا يسأل عنها إلا الراسخ، فيكون ذلك سببًا للفائدة، ويترتب عليه أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
الثانية: تفرس العالم في متعلمه وتنبيهه عَلَى ذَلِكَ؛ ليكون أبعث عَلَى اجتهاده.
الثالثة: سكوت العالم عن العلم إِذَا لم يُسأل حتَّى يُسأل، ولا يكون ذَلِكَ كتمًا؛ لأن عَلَى الطالب السؤال، اللَّهُمَّ إلا إِذَا تعين عليه فليس لَهُ السكوت.