للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطحاوي: ولم يختلفوا في الأنعام إذا أصابتها الأمراض المثقلة التي قد تعيش معها مدة قصيرة أو طويلة أن ذكاتها الذبح، فكذلك ينبغي في القياس أن يكون حكم المتردية ونحوها (١).

وقال إسماعيل بن إسحاق: بلغني عن بعض من يتكلم في الفقه أن قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] إنما هو على ما أكله السبع خاصة، وأحسبه توهم ذلك؛ لأن الاستثناء يلي ما أكل السوابع، وإنما وقع في الاستثناء على ما ذكر في الآية كما قال قتادة: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} أي: ولكن ما ذكيتم، كما قال تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} [يونس: ٩٨] يعني: ولكن قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم، وإنما كان أهل الجاهلية يأكلون كل ما مات وكل ما قتل، فأعلم الله تعالى المسلمين أن المقتولة لا تحل إلا بالتذكية، وأن المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع حرام كله، وهي لا تسمى موقوذة حتى تموت بالذي فعل بها، وكذلك المتردية والنطيحة وما أكل السبع، ولو أن متردية تردت فلم تمت من ترديها، أو شاة عضها سبع أو أكل من لحمها ولم تمت من ذلك، لما كانت داخلة في هذا الحكم، ولما سميت أكيلة السبع؛ لأنه لم يقتلها، وإنما تسمي العرب أكيلة السبع التي قتلها فأكل منها وبقي منها، فإن العرب تقول للباقي هذِه أكيلة السبع فنهوا عن ذلك الباقي، وأعلموا أن قتل السَّبُع وغيره مما ذكر لا يقوم مقام التذكية، وإن كان ذلك كله قتلاً؛ لأن في التذكية التي أمر الله بها خصوصًا في تحليل الذبيحة.


(١) "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>