للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثمَّ عليهم التبليغ إلى من وراءهم قوما بعد قوم، فالتبليغ فرض كفاية، والإصغاء فرض عين، والوعي والحفظ يترادان (١) عَلَى معنى ما يستمع، فإن كان مما يخصه تعين عليه، وإن كان يتعلق به وبغيره، أو بغيره، فالعمل فرض عين والتبليغ فرض كفاية (٢).

وذلك عند الحاجة إليه ولا يلزمه أن يقوله ابتداءً ولا بعضه، فقد كان قوم يكثرون الحديث فحبسهم عمر حتَّى مات وهم في سجنه (٣).


(١) كذا بالأصل، وفي "عارضة الأحوذي ": يتركبان.
(٢) "عارضة الأحوذي" ١٠/ ١٢٥.
(٣) هذا الأثر رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" ص ٥٥٣ (٧٤٥) عن أبي عبد الله بن البري، عن عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، عن معن بن عيسى، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة بن الحجاج، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب حبس بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم ابن مسعود وأبو الدرداء، فقال: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو عبد الله بن البري: يعني منعهم الحديث، ولم يكن لعمر حبس. ورواه أيضًا الطبراني في "الأوسط" ٣/ ٣٧٨ (٣٤٤٩) وقال: لم يحدث به إلا إسحاق بن موسى الأنصاري.
وقال الهيثمي في "المجمع" ١/ ١٤٩: رواه الطبراني في "الأوسط" وهذا أثر منقطع، وإبراهيم ولد سنة عشرين ولم يدرك من حياة عمر إلا ثلاث سنين، وابن مسعود كان بالكوفة، ولا يصح هذا عن عمر.
- ولقد ناقش ابن حزم هذا الخبر ورده حيث قال في "الإِحكام في أصول الأَحكام" ٢/ ١٣٩: هذا مرسل ومشكوك فيه ولا يجوز الاحتجاج به، ثم هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد؛ لأنه لا يخلو عمر من أن يكون اتهم الصحابة، وفي هذا ما فيه، أو يكون نهى عن نفس الحديث، وعن تبليغ سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسلمين، وألزمهم كتمانها وجحدها وأن لا يذكروها لأحد، فهذا خروج عن الإسلام، وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك، ولئن كان سائر الصحابة متهمين بالكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - فما عمر إلا واحد منهم، وهذا قول لا يقوله مسلم أصلا، ولئن كان حبسهم وهم غير متهمين لقد ظلمهم، فليختر المحتج لمذهبه الفاسد بمثل هذِه =