للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بدرهم فقال له: ما هذا فقال: يا أمير المؤمنين قَرِمْنَا (١) إلى اللحم فقال له: أين تذهب هذِه الآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: ٢٠] (٢) لأن يوم النحر مخصوص بأكل اللحم والالتذاذ بالحلال لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨].

وأما في غير وقت النحر فأكله مباح إلا أن السلف كانوا يواظبون على أكله دائمًا، وستأتي سيرتهم في أكلهم وأخذهم من الدنيا في كتاب الرقاق إن شاء الله في الأطعمة.

ثالثها: ما كان عليه سلف هذِه الأمة من مواساتهم لجيرانهم مما رزقهم الله وترك الاستئثار عليهم، ألا ترى حرص أبي بردة على تعجيل الذبح من أجل خلة جيرانه ولم يتعرف إن كان ذلك يجزئ أم لا.

رابعها: قول أنس: (لا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا)، قد بين أن الرخصة لم تكن لأحد غيره في حديث البراء كما سلف.

وقوله: (فَتَوَزَّعُوهَا) أو قال: (فَتَجَزَّعُوهَا)، الظاهر أنه من الراوي. ومعنى (تَجَزَّعُوهَا): اقتسموها؛ لأنه من الجزع وهو القطع. وعبارة ابن التين قال: هو مثل يوزعوها. قال صاحب "العين": الجزع: القطع، وكذا قال ابن بطال: معناهما واحد؛ لأن تجزعوها اقتسموها قطعًا (٣).

والجزعة: القطعة من الشيء، ويقال: البقية منه. قال الجوهري: جزعت الوادي: قطعته (٤).


(١) أي اشتهيناه. انظر: "الصحاح" ٥/ ٢٠٠٩.
(٢) رواه مالك في "الموطأ" ص ٥٨٢ (٣٦)، والحاكم ٢/ ٤٥٥.
(٣) "العين" ١/ ٢١٦ مادة (جزع)، "شرح ابن بطال" ٦/ ١٢.
(٤) "الصحاح" ٣/ ١١٩٥ مادة (جزع).

<<  <  ج: ص:  >  >>