الليث، وقال مالك: أرى أن يبدلها بأخرى حتى يذبحها هو بنفسه صاغرًا؛ فإنَّ ذلك من التواضع، وكان - صلى الله عليه وسلم - يذبح بنفسه وكره ذلك الثوري والشافعي والكوفيون، وأشهب صاحب مالك كما سلف، فإن وقع أجزأ ذلك عندهم وأجاز ذلك عطاء، وحجة هذِه المقالة أن الله أباح لنا ذبائحهم وإذا كان لنا أن نولي ذبائحنا من تحل لنا ذبيحته من المسلمين كان جميع من حلت لنا ذبيحته في معناه في أنه يقوم مقامه ولا فرق بين ذلك.
قال ابن المنذر: ومن كرهه فإنما هو على وجه الاستحباب لا على وجه التحريم.
قال مالك: فإن ذبحها مسلم أجنبي بغير أمره لم يجز عنه وهو ضامن لها، وأجاز ذلك أبو حنيفة والشافعي، وحجة من أجازها أن من أصولهم أن الضحية تجب عندهم بالشراء قياسًا على ما اتفقوا عليه من الهدي إذا بلغ محله فذبحه ذابح بغير أمره يجزئ عنه؛ لأنه شيء خرج من ماله لله، فكأن الذابح ذبحه للمساكين المستحقين له، وأما مالك فالهدي عنده مخالف للضحايا فصحت الضحايا عنده بالذبح لا بالشراء؛ لأنه يجيز للمضحي أن يبدل أضحيته بأفضل منها وأسمن فهي مفتقرة إلى نية، فكذلك لم يجز أن يذبحها أحد عنه بغير أمره. وقول مالك أولى بالحديث -والله تعالى أعلم- وليس لأحد عنده أن يبدل هديه.
فصل:
وأمرُ أبي موسى بناته بالتضحية ظاهر في جواز ذبيحة المرأة، هو ما في "المدونة" وكرهه عند محمد.