للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: هو قول الشافعي كما علمت، وكان مالك لا يحد في ذلك حدًّا.

والدليل على أن هذا استحباب لا إيجاب حديث ثوبان قال: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحيته، ثم قال يا ثوبان: "أصلح لحم هذِه الأضحية" فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة (١)، وعندنا: الأفضل التصدق بكلها إلا لقمًا يتبرك بها.

قال الطبري: وينبغي أن لا يقتصر على أقل من نصفه اقتداءً بالشارع، حيث أمر أن يطبخ من كل بدنه التي نحرها ببضعة فأكل منها وتحسى من مرقها (٢).

وروي عن علي أنه ذبح أضحيته فشوى كبدها وتصدق بسائرها ثم أخذ رغيفًا وكبدًا بيده الأخرى فأكل. وقال سفيان الثوري: إن أراد أن لا يتصدق من أضحيته بشيء، قال: لا ينبغي له، ولكن إن تصدق بلقمة أجزأه. وقال ابن التين: اختلف قول مالك هل الأفضل الصدقة بجميعها، قاله عنه محمد أو يأكل منها، قاله عنه ابن حبيب، وقال: إن لم يأكل منها شيئًا فهو مخطئ.

وأما قوله: ("وَأَطْعِمُوا") فعلى الاستحباب؛ لأن الفقهاء لم يختلفوا في ذلك أنه واجب؛ لأن لفظة "أَطْعِمُوا" أمر وهو يقتضي غير الوجوب (أو الندب، فإذا دل الإجماع على انتفاء الوجوب ففي الندب، وحينئذٍ قال ابن حبيب: لا حد مما يأكل ويطعم) (٣) ويجزئ ما قل وكثر.


(١) رواه مسلم (١٩٧٥) كتاب: الأضاحي، باب: ما كان من النهي عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث ....
(٢) رواه مسلم (١٢١٨) كتاب: الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جابر.
(٣) من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>