للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن المنذر: روي عن عطاء: لا يحد في شيء من الشراب حتى يسكر إلا الخمر، وبه قال أبو حنيفة. وعن ابن أبي ليلى والنخعي: لا يجلد السكران من النبيذ حدًّا. وقال أبو ثور: من كان المسكر عنده حرامًا فشرب منه ما يسكر حددته، ومن كان متأولًا مخطئًا في تأويله فشربه على خبر ضعيف قلده واتبع أقوامًا لم يكن عليه حد، وذلك أنَّا لا نحد إلا من فسق، إنما الحد على من علمه، وأما من أتى بشيء ظنه حلالًا فلا حد عليه.

قال ابن المنذر: وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من شرب الخمر فاجلدوه" فالحد على شاربه واجب سكر أم لا على ظاهر الحديث، وكل شرابٍ أسكر كثيره فهو حرام، وقليله حرام للأخبار الثابتة (١).

وقول عمر: (وجدت من عبيد الله ريح الشراب). وفي "الموطأ": رائح (٢) فزعم أنه (شرب) (٣) الطلاء. يعكر عليه ما أسلفناه عن عمر من تجويزه شرب الطلاء إلا أن يكون أراد به المعصفر.

قال ابن التين: وفيه الأخذ بالرائحة إذا لم يشك فيها، وسؤال الإمام عما يشك فيه. قال: وما رآه عمر فمن بعده، يريد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، وإنما أتى به على معنى البيان -أعني قوله على الثلث- لأن الطلاء هو ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه، وتسميه العرب أيضًا الميبختج كما سلف، وبعض العرب تسمي الخمر الطلاء يريد تحسين اسمها لا أنها الطلاء نفسه. قيل: وإنما سمي بذلك؛ لأنه ذهب ثلثاه بالطبخ ثخن


(١) "الإشراف على مذاهب أهل العلم" ٣/ ٥٩ - ٦٠.
(٢) من (غ).
(٣) "الموطأ" ص ٥٢٦. والذي في "الموطأ": ريح. وليس فيه: رائح.

<<  <  ج: ص:  >  >>