للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا عرفت ذلك، فالفرث في الآية المبدأ بها: الكرش، وقال في "المنتهى": هو السرجين ما دام في الكرش، والجمع: فروث، وفي "الجامع" و"المحكم" كذلك (١). وقال القزاز: هو ما ألقي من الكرش وكل شيء أخرجته من وعاء فنثرته فقد فرثته، ومنه يقولون: فرثت جلد النمر: إذا أخرجت ما فيه، والفراثة: ما أخرج من الكرش، (وقد أفرثت ما أخرج من الكرش) (٢) وقد أفرثت الكرش إفراثًا إذا ألقيت فرثها.

فصل:

وشرب اللبن حلال بكتاب الله، وليس قول من قال إنه يسكر الكثير منه بشيء؛ لأن كل ما أباح الله تعالى في أكله وشربه فوقع منه لشاربه أو آكله سكر فهو غير مأثوم إلا أن يتعمد شربه لذهاب عقله دون منفعة يقصدها فهو آثم لقصده إلى ذهاب عقله، وإنما يكون السكر منه بصناعة تدخله وقد أسلفنا أنه يعمل منه خمر وإن وجد أحد بسكر منه فهي آفة في خلقته وهذا في الشاذ والنادر فلذلك لم يحكم فيه بحكم عام، وهذا هو تفسير الترجمة المذكورة.

وفي الآية دليل أن الماء إذا خالطته نجاسة فتغير ثم قعدت عنه حتى صفا وحلا وطابت رائحته أنه طاهر يجوز الوضوء به لقوله تعالى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} [النحل: ٦٦] فوصفه بالخلوص مما خالطه من الدم وحثالة الفرث وهذا دليل لازم.

وقد روى مالك في جباب تقع فيها الدابة فتموت وتروث فيها البقر والغنم حتى تنتن ثم تصفو وتطيب أنه يجوز التوضؤ بمائها.


(١) "المحكم" ١١/ ١٢٨ مادة: (فرث).
(٢) هكذا في الأصل، وهي زيادة يستقيم السياق بدونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>