للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزعم بعض المعتزلة أن قوله: ("لا طيرة") يعارض قوله: ("الشؤم في ثلاث")، وهو تعسف وبعد عن العلم، فحديث الطيرة مخصوص بحديث الشؤم، فكأنه قال: لا طيرة إلا في هذِه الثلاثة لمن التزم الطيرة، يوضحه حديث زهير بن معاوية، عن عتبة بن حميد، عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع أنسا يقول: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طيرة، والطيرة على من تطير، وإن تكن في شيء ففي الدار والمرأة والفرس" أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (١).

وفي "مسند أبي الدرداء" لإبراهيم بن محمد بن عبيد: شؤم الفرس: أن لا يحمل عليها في سبيل الله. وقد سلف، فبان بهذا الحديث أن الطيرة إنما تلزم من تطير بها، وأنها في بعض الأشياء دون بعض، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يقولون: الطيرة في هذِه الثلاثة، فنهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن الطيرة فلم ينتهوا، فبقيت في الثلاثة التي كانوا يلتزمون التطير فيها، ومثله قوله تعالى: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي: حظكم من الخير والشر معكم ليس هو من شؤمنا، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الدار: "اتركوها ذميمة" (٢) فإنما قال ذلك لقوم علم منهم أن


(١) "صحيح ابن حبان" ١٣/ ٤٩٢.
(٢) رواه أبو داود في "سننه" (٣٩٢٤)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٩١٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٨/ ١٤١ من طريق عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس بن مالك، قال البخاري: في إسناده نظر.
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" ١٠/ ٤١١ من طريق معمر عن الزهري عن عبد الله ابن الحارث عن عبد الله بن شداد. والطبراني في "المعجم الكبير" ٦/ ١٠٤ (٥٦٣٩) من طريق يعقوب بن حميد عن أنس بن عياض عن سعد بن سعد بن عجرة عن سهل بن حارثة الأنصاري.
ورواه البيهقي في "الشعب" ٢/ ١٢٤ من طريق سُكين بن عبد العزيز، عن إبراهيم =

<<  <  ج: ص:  >  >>