للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو ("إن بعض البيان") وكيف يذم البيان كله وقد (عدد) (١) الله به النعمة على عباده فقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)} [الرحمن: ٣، ٤] ولا يجوز أن يعدد على عباده إلا ما فيه عظيم النعمة عليهم، وما ينبغي إدامة شكره عليه، فإذا ثبت أن بعض البيان هو المذموم، وهو الذي خرج عليه لفظ الحديث، وذلك الاحتجاج للشيء الواحد مرة بالفضل ومرة بالنقص، وتزيينه مرة وعيبه أخرى، ثبت أن ما جاء به من البيان مزينًا الحق ومبينا له فهو ممدوح، وهو الذي قال فيه عمر بن عبد العزيز: هذا السحر الحلال، ومعنى ذلك أنه يعمل في استمالة النفوس ما يعمل السحر من استهوائها، فهو سحر على معنى التشبيه لا أنه السحر الذي هو الباطل الحرام (٢).

وقال ابن التين: الفصاحة حسنة، وهي منحة من الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: (أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وربيت في بني سعد) (٣) وبعث عبد الملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم فكتب إليه: رسولك أحق بمكانك منك. فأخبر الشعبي عبد الملك فقال: لم يرك يا أمير المؤمنين. فذهب ما في نفسه وقال: حسدني فيك وأراد أن يغريني بك.


(١) في الأصل: (وعد). والمثبت مستفاد من الكلام بعده، وهو الأنسب.
(٢) "شرح ابن بطال" ٩/ ٤٤٧ - ٤٤٨.
(٣) قال في "كشف الخفاء" ١/ ٢٠١: أورده أصحاب الغرائب، ولا يعلم من أخرجه ولا إسناده. اهـ قلت: قال أبو عبيد في "غريبه" ١/ ٨٩: وأخبرني بعض الشاميين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال .. فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>