للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد جرى بين الأنصار كلام بمحاولة اليهود حتَّى ثار بعضهم إلى بعض في السلاح، فأنزل الله: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ} (١) [آل عمران: ١٠١]. أي: تفعلون فعل الكفار، وسياق الخبر دال عَلَى أن النهي عن ضرب الرقاب، وعما قبله بسببه كما جاء في حديث أبي بكرة: "إنَّ دماءَكُم وأمْوَالَكُم عليكُم حَرَام" وذكر الحديث، ثمَّ قَالَ: "ليُبلغ الشاهدُ الغائبَ، لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا" الحديث (٢).

فهو شرح لما تقدم من تحريم بعضهم عَلَى بعض، وفيه ستة أقوال أخر:

أحدها: أنه كُفر عَلَى بابه في حق المستحل لغير الحق.

وثانيها: أن المراد: كفر النعمة وحق الإسلام.

ثالثها: أنه يقرب من الكفر ويؤدي إليه.

رابعها: لا تكفروا حقيقة، بل دوموا مسلمين.

خامسها: أن المراد بالكفار: المتكفرون في السلاح، يقال: تكفر الرجل بسلاحه، إِذَا لبسه، حكاه الخطابي (٣).

سادسها: لا يُكَفِّر بعضكم بعضًا، فتستحلوا قتال بعضكم بعضًا،


(١) روى الطبري في "تفسيره" ٣/ ٣٧٥ (٧٥٣٣) عن ابن عباس قال: كانت الأوس والخزرج بينهم حرب في الجاهلية كل شهر، فبينما هم جلوس إذ ذكروا ما كان بينهم حتى غضبوا، فقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فنزلت هذِه الآية: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} إلى آخر الآيتين، {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً}، إلى آخر الآية.
ورواه أيضًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٣/ ٧٢٠ (٣٨٩٨)، والواحدي في "أسباب النزول" ١٢١ (٢٣٤).
(٢) سيأتي برقم (١٠٥) كتاب: العلم، باب: "ليبلغ العلم الشاهد الغائب".
(٣) "أعلام الحديث" ٣/ ١٧٨١.