للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أشد الناس عذابًا يوم القيامة رجل هجا رجلا فهجا القبيلة بأسرها" (١)، (وقد) (٢) يعارض الحديث الأول، إلا أنه غير صحيح، والصحيح فيه رواية من روى "أعظم الناس فرية يوم القيامة الرجل يهجو القبيلة بأسرها" (٣)، وهو على هذا لا خلاف فيه للأول، فيحتمل أن يكون من رواه على غير هذا من رواته قد قصر في الحفظ (٤).

وأفسد هذا ابن رشد بأَنْ قال: بناهُ على أن اللفظ الخاص معارض للفظ العام، وذلك غير صحيح. ويقال له: إذا أبطلت رواية من روى الحديث الثاني: "أشد الناس" لمعارضته عندك الحديث الأول وأبطلت الثالث لمعارضته عندك أيضًا الحديث الأول، فما حيلتك في قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}؟ [غافر: ٤٦] وجعل الحديث (الأول) (٥) أيضًا دالًا على أن الأصناف الثلاثة المذكورة فيه متساوون في شدة العذاب، وذلك مما لا يدل عليه الكلام ولا يصح في الاعتبار؛ لأن من قتل نبيًّا لا يكون إلا كافرًا، وكذلك المراد "أو قتله نبي" إذا لو قتله وهو مسلم على حدٍّ لكان القتل كفارة له، ولا يستوي الكافر مع المؤمن في شدة العذاب.

والصواب: أن الأحاديث الثلاثة على ما رويت عليه لا تعارض بينها؛ لأنها والآية المذكورة مخصصة بعضها لبعضها ومفسرة له


(١) رواه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ١/ ١٢ (٩).
(٢) في (ص ٢): وهذا.
(٣) رواه ابن ماجه (٣٧٥١)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٤٨٧).
(٤) "مشكل الآثار" ١/ ١٠ - ١٣.
(٥) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>