للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما خلق فيه من ذلك فيما أمر باستعماله فيه نظير الشجاعة المخلوقة فيه، وأمره باستعمالها عند لقاء عدوه، وأثابه على ذلك، وإن استعملها في غير لقاء عدوه عاقبه على ذلك، فالثواب والعقاب على الطاعة والمعصية لا على ما خلق الله في العبد. وقال آخرون: أخلاقه -حسنها وسيئها- مكتسبة فيحمد على الجميل منها، ويثاب على ما كان منها طاعة، ويعاقب على ما كان منها معصية. ولولا أنها للعبد كسب لبطل الأمر به والنهي عنه.

قوله - عليه السلام - لمعاذ: "اتق الله حيثما كنت وخالق الناس بخلق حسن" (١) البيان عن صحة ما قلناه؛ لأن ذلك لو كان طبعًا في العبد هيأه الله عليه لاستحال الأمر به والنهي عن خلافه كاستحالة أمر (من) (٢) لا بصر له بأن يكون له بصر، ولذلك كان الحكماء يوصون بالحسن منه، وروى ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: قال لي عمر بن الخطاب: يا قبيصة، أراك شابًا فصيح اللسان فسيح الصدر، وقد يكون في الرجل عشرة أخلاق، تسعة صالحة وخلق سيئ، فيفسد التسعة الصالحة الخلق السيئ، فاتق عثرات الشباب (٣).

وقال الشعبي: قال صعصعة بن صوحان لابن أخيه زيد بن صوحان:

خالص المؤمن وخالق الفاجر، فإن الفاجر يرضى منك بالخلق الحسن (٤).


(١) رواه الترمذي (١٩٨٧)، وأحمد ٥/ ١٥٣ عن أبي ذر، ومعاذ.
(٢) من (ص ٢).
(٣) رواه البيهقي ٥/ ١٨١.
(٤) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" ٣/ ١٠١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>