للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواه عبد الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة مرفوعًا بزيادة: "إذا رأى فيه عيبًا، أصلحه" (١).

قال الطبري: فالأخ المؤاخي في الله كالذي وصف به الشارع المؤمن للمؤمن في أن كل واحد منهما لصاحبه بمنزلة الجسد الواحد؛ لأن ما سرَّ أحدهما سرَّ الآخر، وما ساء أحدهما ساء الآخر، وأن كل واحد منهما عون لصاحبه في أمر الدنيا والآخرة كالبنيان، وكالمرآة له في توقيفه إياه على عيوبه ونصيحته له في المشهد والمغيب، وتعريفه إياه من خطئه وما فيه صلاحه ما يخفى عليه. وهذا النوع في زماننا هذا أعز من الكبريت الأحمر، وقد قيل: هذا قبل هذا الزمان، كان يونس بن عبيد يقول: ما أنت بواجدٍ شيئًا أجل من أخ في الله أو درهم طيب (٢).

فإن قلت: الحب في الله والبغض فيه واجب هو أم فضل؟ قيل: بل واجب، وهو قول مالك، يدل له رواية الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا: "والذي نفسي بيدي لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم" (٣) وما أمرهم به فعليهم العمل به، ألا ترى أنه - عليه السلام - أقسم حق القسم بما ذكر، فحقيق على كل ذي لب أن يخلص (المودة) (٤) والحب لأهل الإيمان، فقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الحب في الله والبغض فيه من أوثق عرى الإيمان" من حديث


(١) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٢٣٨).
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٣/ ١٧.
(٣) رواه مسلم (٥٤) كتاب: الإيمان، باب: لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.
(٤) في (ص ٢): الموجدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>