للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: علم الله أن الأصلح لهم أن لا يخبرهم ما هو؛ لأن اليهود قالوا: إن فسر الروح فليس بنبي، وهذا معنى قوله: لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقد جاءهم ذَلِكَ؛ لأن عندهم في التوراة كما ذكر لهم أنه من أمر الله لن يطلع عليه أحد.

وذكر ابن إسحاق أن نفرًا من اليهود قالوا: يا محمد، أخبرنا عن أربع نسألك عنهن، وذكر الحديث، وفيه: فقالوا: يا محمد، أخبرنا عن الروح قَالَ: "أنشدكم بالله هل تعلمون جبريل، وهو الذي يأتيني؟ " قالوا: اللَّهُمَّ نعم، ولكنه يا محمد لنا عدو، وهو ملك يأتي بالشدة وبسفك الدماء، ولولا ذَلِكَ لاتبعناك، فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: ٩٧] (١) وهذا يدل عَلَى أن سؤالهم عن الروح الذي هو جبريل كما قَالَ بعضهم.

قَالَ أكثر العلماء: وليس في الآية دليل عَلَى أن الروح لا تعلم، ولا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يعلمها.

فرع:

أما روح ابن آدم فالكلام عليه مما يدق كما قَالَ المازري (٢)، وقد أفرد بتواليف، وأشهرها ما قاله الأشعري: إنه النفس الداخل والخارج.

وقال القاضي أبو بكر: هو متردد بين ما قاله الأشعري وبين الحياة.

وقيل: جسم مشارك الأجسام الظاهرة والأعضاء الظاهرة. وقيل: جسم لطيف خلقه الباري تعالى، وأجرى العادة بأن الحياة لا تكون مع فقده،


(١) "سيرة ابن إسحاق" ١/ ١٨٣ وليس بهذا السياق ولكن رواه عنه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٧٧ (١٦٠٩).
(٢) "المعلم بفوائد مسلم" ٢/ ٤٣٠.