للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان في النادر عند إفراط تعجبه ربما ضحك حتَّى تبدو نواجده، ويجري على عادة البشر في ذَلِكَ؛ لأنه - عليه السلام - قد قال: "إنما أنا بشر" (١) فبين لأمته بضحكه الذي بدت فيه نواجذه أنه غير محرم على أمته.

وبان بحديث عائشة أن التبسم والاقتصار في الضحك هو الذي ينبغي لأمته فعله والاقتداء به فيه للزومه - عليه السلام - له في أكثر أحواله.

وفيه وجه آخر: من الناس من يسمي الأنياب والضواحك نواجذ، واستشهد بقول الشاعر لبيد:

وإذا الأسنة أسرعت لنحورها … أبرزن حد نواجذ الأنياب

فتكون النواجذ: الأنياب على معنى إضافة الشيء إلى نفسه، وذلك جائز إذا اختلف اللفظان، ومن إضافة الشيء إلى نفسه قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦] و {وَحَبَّ الْحَصِيدِ}، وقولهم: مسجد الجامع. وقول رؤبة:

إذا استعيرت من جفون الأغماد

والجفون: هي الأغماد، وإضافة الشيء إلى نفسه مذهب الكوفيين، وقد وجدنا النواجذ يعبر بها عنها بالأنياب. وفي حديث المجامع في رمضان كما سلف، ووقع في الصيام: (حتَّى بدت أنيابه) (٢) فارتفع اللبس بذلك، وزال الاختلاف بين الأحاديث.

قال ابن بطال: وهذا الوجه أولى، وهذا الباب يرد ما روي عن الحسن البصري: أنه كان لا يضحك. وروى جعفر عن أسماء قالت: ما رأيت الحسن في جماعة ولا في أهله ولا وحده ضاحكًا قط


(١) سلف برقم (٤٠١).
(٢) سلف برقم (١٩٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>