للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجمع بينهما بأن المراد بحديث صفوان: المؤمن الكامل أي: لا يكون المؤمن المستكمل لأعلى درجات الإيمان كذابًا حتَّى يغلب عليه الكذب؛ لأن كذابًا وزنه فعال وهو من أبنية المبالغة لمن يكثر الكذب منه ويتكرر حتَّى يعرف به، ومثله الكذوب، يوضحه قوله - عليه السلام -: "إن الرجل ليصدق حتَّى يكتب عند الله صدوقًا" يعني: لا يزال يتكرر الصدق منه كثيراً حتَّى يستحق اسم المبالغة في الصدق. وكذلك قوله في الكذب يعني: لا يزال يتكرر -منه الكذب حتَّى يغلب عليه. وهذِه الصفة ليست صفة علية المؤمنين بل هي من صفات المنافقين وعلامتهم، كما ذكره في حديث أبي هريرة. وقد سلف معناه في الإيمان واضحًا. وأخبر - عليه السلام - في حديث سمرة بعقوبة الكاذب الذي يبلغ كذبه الآفاق أنه يشق شدقه في النار إلى يوم القيامة، فعوقب في موضع المعصية، وهو فمه الذي كذب به.

ومصداق حديث عبد الله في القرآن: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} [الانفطار: ١٣ - ١٤] والصدق (أرفع) (١) خلال المؤمنين؛ ألا ترى الآية التي صدر بها البخاري الباب فجعل الصدق معيارًا للتقوى، وقيل للقمان الحكيم: ما بلغ بك ما نرى؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني (٢).


(١) في الأصل: (مع)، وبهامشها: (من).
(٢) "الموطأ" ص ٦١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>