للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون ذَلِكَ في أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا، وهو أولاها بالحذر. وروي بلفظ النهي بكسر الغين قال: فيتحقق معنى النهي فيه على هذِه الرواية (١).

قال ابن التين: وكذا قرأناه. قال: وهذا مثل قديم يمثل به من قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو - عليه السلام - كثيراً ما يتمثل بالأمثال القديمة. وأصل ذَلِكَ أن رجلاً أدخل يده في جحر فلدغ منه مرة ثانية.

قال أبو عبيد: تأويل هذا الحديث عندنا: أنه ينبغي للمؤمن إذا نكب من وجه لا يعود لمثله. وترجم له في كتاب "الأمثال" باب: المحاذرة للرجل من كل شيء قد ابتلي بمثله مرة.

وفيه أدب شريف أدب به الشارع أمته، ونبههم كيف يحذرون ما يخافون سوء عاقبته؟!

ووقع في ابن بطال أن هذا الكلام مما لم يسبق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو مخالف لما أسلفناه، وقاله في أبي عزة الشاعر، وكان أسر يوم بدر فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمن عليه، وذكر فقرًا فمنّ عليه، وأخذ عليه عهدًا ألا يحرض عليه ولا يهجوه. ففعل، ثم رجع إلى مكة فاستهواه صفوان بن أمية، وضمن له القيام بعياله، فخرج مع قريش، وحرض عليه فأسر، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المن، فقال: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين لا تمسح عارضيك بمكة تقول: سخرت من محمد مرتين" ثم أمر به فقتل (٢).


(١) "أعلام الحديث" ٣/ ٢٢٠٢.
(٢) "شرح ابن بطال" ٩/ ٣٠٧ - ٣٠٨، والحديث رواه البيهقي ٩/ ٦٥ عن ابن المسيب مرسلًا، وانظر: "الإرواء" (١٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>