للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و (أقلبه) (١)، وأذهب بالملوك وآتي بهم" (٢).

وروى عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه: "يقول الله: يؤذيني ابن آدم يقول: يا خيبة الدهر، فلا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر؛ فإني أنا الدهر أقلبه ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهما" (٣).

وقال النحاس: يجوز فيه نصب الراء من قوله: "فإن الله هو الدهر". والمعنى: فإن الله مقيم الدهر أي: مقيم أبدًا لا يزول، ولما قال ابن الجوزي: كان أهل الجاهلية يرون أن الدهر هو مهلكهم ولا يرونها من الله، كان أبو بكر بن داود يرويه: "أنا الدهر" بفتح الراء منصوبة على الظرف أي أنا طول الدهر بيدي الأمر. قال: وهو باطل من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه خلاف ضبط المحدثين المحققين.

ثانيها: أنه ورد بألفاظ صحاح تبطل تأويله، منها ما عند البخاري: "لا تقولوا: يا خيبة الدهر".

ثالثها: لو كان بالضم كان اسمًا من أسمائه تعالى، يقتضي أن يكون علة النهي لم تذكر؛ لأنه إذا قال: "لا تسبوا الدهر فأنا الدهر أقلب الليل والنهار" كأنه قال: لا تسبوا الدهر فأنا أقلبه. وتقليبه الأشياء لا يمنع ذمها، وإنما يتوجه الأذى في قوله: ("يؤذيني ابن آدم") على ما أشرنا إليه ولم يكن ابن داود من الحفاظ ولا من علماء النقل.


(١) في (ص ٢): أبليه.
(٢) رواه أحمد ٢/ ٤٩٦ عن ابن نمير، عن هشام بن سعد، به.
(٣) رواه عبد الرزاق في "جامع معمر" ١١/ ٤٣٦ - ٤٣٧ (٢٠٩٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>