للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتقوى. قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] وقال في الباب قبله: "لا تسموا العنب الكرم". وهذا هو المشهور في اللغة أن الكرم بسكون الراء: العنب. قال الأزهري: سمي العنب كرمًا؛ لكرمه؛ وذلك أنه ذلل لقاطفه، وليس عليه سلاء فيعقر جانيه ويحمل الأصل منه مثل ما تحمل النخلة وأكثر، وكل شيء كبر فقد كرم. وقال ابن الأنباري: سمي كرمًا؛ لأن الخمر منه وهي تحث على السخاء وتأمر بمكارم الأخلاق، كما سموها راحًا. قال الشاعر:

......... والخمر مشتقة المعنى من الكرم.

ولذلك قال: "لا تسموا العنب الكرم". كره أن يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم، وجعل المؤمن الذي يتقي شربها، ويرى الكرم في تركها أحق بهذا الاسم الحسن؛ تأكيدًا لحرمته، وأسقط الخمر عن هذِه الرتبة؛ تحقيرًا لها (١).

وقيل: تأكيدًا لتحريمها؛ وسلبًا للفضيلة بتغيير اسمها المأخوذ عندهم من اسم الكرم، إذ في تسليم هذا الاسم لها (تقول لدعواه) (٢) فيها بأمر كأن لا تدعى كرمًا، وأن لا تسمى مواضعها وأشجارها حدائق الأعناب.

وقال أبو حاتم: قال رجل من أهل الطائف:

شققت من الصبا واشتق منى … كما اشتقت من الكرم الكروم


(١) انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١٣٢ - ٣١٣٣، مادة: (كرم).
(٢) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>