وقال الكوفيون: لا يسلم الرجل على النساء إذا لم يكن منهن ذوات محارم، وقالوا: لما سقط عن النساء الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في الصلاة سقط عنهن رد السلام فلا يُسَلَّم عليهن (١).
قلت: الإقامة مستحبة عندنا على المشهور. وقال ابن وهب: بلغني عن ربيعة أنه قال: ليس على النساء التسليم على الرجال ولا عكسه.
وروى أبو نعيم من حديث بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة مرفوعًا:"يسلم الرجال على النساء، ولا تسلم النساء على الرجال".
وحجة مالك ومن وافقه حديث الباب أنهم كانوا يسلمون على العجوز يوم الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تكن ذات محرم منهم، وحديث عائشة - رضي الله عنها - أنه - عليه السلام - بلَّغها سلام جبريل، وفي ذلك أعظم الأسوة والحجة.
وحاصل مذهبنا أن سلامها على الرجل إن كانت زوجته أو جاريته أو محرمًا من محارمه فهي معه كالرجل يستحب لكل واحد منهما ابتداء الآخر بالسلام، ويجب على الآخر الرد، وإن كانت أجنبية فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها فلا يسلم عليها الرجل، وإن سلم لم يجز لها رد الجواب. ولم تسلم هي عليه ابتداء، فإن سلمت لم تستحق جوابًا، فإن أجابها كره له، وإن كانت ممن لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها فإن كن النساء جماعة فسلم عليهن الرجل، أو كان الرجال جماعة فسلموا على المرأة الواحدة جاز؛ إذا لم يخف عليهن، ولا عليه، ولا عليهم فتنة.