للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعنى: "لكل نبي دعوة" أي: أفضل دعائه، وكذا قوله: (كل نبي سأل سؤالًا" (١). والسؤال: ما يسأله المرء، قال تعالى: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طه: ٣٦] قرئ بالهمز وتركه. ولهم دعوات غير ذلك: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - سأل ألا تهلك أمته بالسنين فأعطيها، وسأل ألا يسلط عليهم عدوهم، وسأل ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعها، وجعل بأسهم بينهم كفارات (٢).

وقوله: " (لكل نبي دعوة مستجابة") هذِه دعوة تخص كل نبي لدنياه، مثل قول نوح - عليه السلام -: {لَا تَذَرْ على الْأَرْضِ} [نوح: ٢٦]، ومثل قولة زكريا - عليه السلام -: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: ٥]، ومثل قول سليمان: {وَهَبْ لِي مُلْكًا} [ص: ٣٥] فاختباؤه - عليه السلام - دعوته لأمته؛ رأفة بهم ورحمة عليهم لوقت شدتهم واحتياجهم وانقطاع أعمالهم، قال عمر بن عبد العزيز: لأنا أخوف من أن أحرم الدعاء من أن أمنع الإجابة. وقال ابن عيينة: لو يسر كفار جهنم إلى الدعاء بالخروج لخرجوا، ولكنهم إنما نادوا {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: ٧٧] وقالوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا} الآية [المؤمنون: ١٠٧] وقد علم سبحانه أنهم سيعودون لو أخرجوا، فلو لم يشترطوا أنهم لا يعودون وأخلصوا الدعاء لخرجوا.

فصل:

أمر الله عباده بالدعاء وضمن لهم الإجابة في الآية المذكورة. وقيل: المعنى ادعوني بطاعتكم إياي، استجب لكم في الذي التمستم منى بعبادتكم إياي، ومن طاعة العبد ربه دعاؤه إياه، ورغبته في حاجته إليه دون ما سواه، والمخلص له العبادة المتضرع إليه في حاجته،


(١) من (ص ٢).
(٢) رواه أحمد ٣/ ١٤٦، ١٥٦ وصححه ابن خزيمة (١٢٢٨)، والحاكم في "المستدرك" ١/ ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>