للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعضهم: إنه لم يزل في الترقي، فإذا ترقى إلى حال، رأى ما قبلها دونه، استغفر منه، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين (١). وما ألطفه، ومثله المراد به عن الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه على الدوام عليه، أو هَمَّه بسبب أمته، وما اطلع عليه من أحوالها بعد، أو سببه اشتغاله بالنظر في مصالح الأمة عن عظيم مقامه، أو شكرًا لما أُولي. ولا شك أن أولى العباد بالاجتهاد في العبادة الأنبياء؛ لما حباهم به من معرفته، فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير ولا يُدلّون عليه بالأعمال؛ مستكنون خاشعون، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -فيما رواه مكحول عنه-: ما رأيت أحدًا أكثر استغفارًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال مكحول: ما رأيت (أحدًا) (٢) أكثر استغفارًا من أبي هريرة. وكان مكحول كثير الاستغفار وقال أنس: أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين مرة (٣).

وروى أبو إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول: "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه" مائة مرة قبل أن يقوم (٤).


(١) هذا من قول أبي سعيد الخزاز كما رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" ٤/ ٢٧٦ وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٥/ ١٣٧. وظنه بعض الناس حديثًا؛ لذا أورده الشوكاني في "الفوائد المجموعة" ونسبه له وعزاه لابن عساكر.
(٢) من (ص ٢).
(٣) رواه الطبراني في "الأوسط" ٩/ ١٨٣ (٩٤٨٤)، وقال الهيثمي في "المجمع" ١٠/ ٢٠٩: فيه: الحسن بن أبي جعفر، وهو متروك.
(٤) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٦٢٧) وصححه الألباني فيه، ورواه الطبراني ١٢/ ٤١٦ (١٣٥٣٢). ولفظهما: يستغفر الله في المجلس مائة مرة "رب اغفر لي، وتب علي، وارحمني، إنك أنت التواب الرحيم".

<<  <  ج: ص:  >  >>