للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأما ملازمة القبول للصحة ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" (١) والمراد بالحائض: من بلغت سن (الحيض) (٢)، فإنها لا تقبل صلاتها إلا بالسترة، ولا تصح ولا تقبل مع انكشاف العورة، والقبول مفسر بترتب الغرض المطلوب من الشيء عَلَى الشيء.

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يقْبَلُ الله صَلَاة مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ" عام في عدم القبول من جميع المُحْدِثين في جميع أنواع الصلاة.

والمراد بالقبول: وقوع الصلاة مجزئة بمطابقتها للأمر، فعلى هذا يلزم من القبول الصحة ظاهرًا وباطنًا، وكذا العكس.

ونقل عن بعض المتاخرين أن الصحة (٣) عبارة عن ترتب الثواب والدرجات عَلَى العبادة، والإجزاء عبارة عن مطابقة الأمر، فهما متغايران، أحدهما أخص من الآخر، ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم.

فالقبول عَلَى هذا التفسير أخص من الصحة، فكل مقبول صحيح ولا عكس، وهذا إن نفع في نفي القبول مع بقاء الصحة فيما سلف ضرَّ في نفي القبول مع نفي الصحة، كما هو محكي عن الأقدمين.


(١) رواه أبو داود (٦٤١)، والترمذي (٣٧٧)، وابن ماجه (٦٥٥)، وأحمد ٦/ ١٥٠، ٦/ ٢١٨، وابن حبان ٤/ ٦١٢ (١٧١١)، وابن خزيمة ١/ ٣٨٠ (٧٧٥)، والحاكم ١/ ٢٥١. كلهم من حديث عائشة.
قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأظن أنه لخلاف فيه على قتادة. اهـ. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (٦٤٨): وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
(٢) كذا في (س)، وفي (ج): المحيض.
(٣) ورد بهامش (س): كذا في ابن دقيق العيد: القبول، وهو ظاهر. اهـ قلت: انظر: "إحكام الأحكام" ص ٦٧.