للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لامة" (١). وإنما المراد ملمة فللمقاربة بين الألفاظ وإتباع الكلمة أخواتها في الوزن. قال: "لامة". قيل: هذا يدل أن نهيه عن السجع إنما أراد به من يتكلفه في حين دعائه فيمنعه من الخشوع كما ذكرنا، وأما إذا تكلم به طبعًا من غير مؤنة ولا تكلفة أو حفظه قبل وقت دعائه مسجوعًا فلا يدخل في النهي عنه؛ لأنه لا فرق حينئذٍ بين المسجوع وغيره؛ لأنه لا يتكلف صنعته وقت الدعاء، فلا يمنعه ذلك من إخلاص الدعاء والخشوع.

وفيه من الفقه: أنه يكره الإفراط في الأعمال الصالحة؛ خوف الملل لها والانقطاع عنها، وكذلك كان - عليه السلام - يفعل، كان يتخول أصحابه بالموعظة في أيام كراهة السآمة عليهم وقال: "اكلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا" (٢).

وفيه: أنه ينبغي ألا يحدث بشيء من كان في حديث حتى يفرغ منه.

وفيه: أنه لا ينبغي نشر الحكمة والعلم ولا الحديث بهما من لا يحرص على سماعهما وتعليمهما، فمتى حدث به من يشتهيه ويحرص عليه كان أحرى أن ينتفع به ويحسن موقعه عنده، ومتى حدث به من لا يشتهيه لم يحسن موقعه، وكان ذلك إذلالًا للعلم وحطًّا له، والله قد رفع قدره حين جعله سببًا إلى معرفة توحيده وصفاته تعالى، وإلى علم دينه، وما يتعبد به خلقه (٣).


(١) رواه ابن سعد كما في "كنز العمال" ١٠/ ٦٦ (٢٨٣٩٠) عن ابن عباس، ورواه ابن عساكر في "تاريخه"١٣٠/ ٢٢٤، عن ابن مسعود.
(٢) سلف برقم (٥٨٦١)، كتاب: اللباس، باب: الجلوس على الحصير ونحوه.
ولمسلم برقم (٧٨٢) كتاب: صلاة المسافرين، باب: فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره.
(٣) انتهى من "شرح ابن بطال" ١٠/ ٩٧ - ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>