للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ومعنى يستحسر) (١) عند ذلك: ينقطع قال تعالى: {وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء: ١٩]. وقالت عائشة - رضي الله عنها - في هذا الحديث: "ما لم يعجل أو يقنط".

وقال بعضهم: إنما يعجل العبد إذا كان غرضه من الدنيا نيل ما سأل، وإذا لم ينل ما يريد ثقل عليه الدعاء، ويجب أن يكون غرض العبد من الدعاء هو الدعاء لله والسؤال منه والافتقار إليه أبدًا، ولا يفارق سمة العبودية وعلامة الرق، والانقياد للأمر والنهي، والاستسلام لربه تعالى بالذلة والخشوع؛ فإن الله تعالى يحب الإلحاح في الدعاء، وقال بعض السلف: لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة. وذلك أن الله تعالى يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] فقد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، وهو لا يخلف الميعاد.

وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من داعٍ يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه".

وقد سلف (٢)، ففي هذا الحديث دليل أن الدعاء مجاب إما معجلًا وإما مؤجلًا.

وقد روي عن قتادة أنه قال: إنما يجاب من الدعاء ما وافق القدر؛ لأنه - عليه السلام - قد دعا ألا يجعل الله بأس أمته بينهم فمنعها لما سبق في علمه وقدره من كون الاختلاف والبأس بينهم. وقد سلف ذلك أيضًا.


(١) في (ص ٢): فيستحسر.
(٢) رواه أحمد ٣/ ١٨، والبخاري في" الأدب المفرد" (٧١٠)، وأبو يعلى ٢/ ٢٩٦ (١٠١٩). والحاكم في "المستدرك" ١/ ٤٩٣، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٢/ ٤٧ - ٤٨ (١١٢٨) وتقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>