للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول خباب: إنما ذكره؛ اعتذارًا من كيه، وقال مالك: لا بأس بالاكتواء. وقد اكتوى ابن عمر (من اللَّقوة (١)، وأسعد بن زرارة من الذبحة (١)، قال مالك: دعا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على نفسه) (٢) حين قال: اللهم كبرت سنين، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مفرط ولا مضيع (٣). قال: وقال عمر بن عبد العزيز لبعض من كان يخلو معه: ادع لي بالموت. (وسنه في الأربعين) (٤)، قاله الداودي.

وقوله: ("فإن كان لا بد متمنيًا") يدل أن من ترك ذلك بغير اشتراط أولى وأفضل، قال: وزعم قوم أن هذا ناسخ لقول يوسف - عليه السلام -: {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١] ويوسف لم يتمن الموت، إنما دعا أن يثبت على إسلامه حتى يموت.

قال ابن بطال: ومعنى الحديثين على الخصوص، وقد بين - عليه السلام - ذلك في الحديث قال: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به" فقد يكون له في ذلك الضر خير لدينه ودنياه ومآله، إما تمحيص لذنوب سلفت له وطهور من سيئات، كما قال - عليه السلام - للشيخ الذي زاره في مرضه، وقد أصابته الحمى فقال له: "لا بأس، طهور إن شاء الله" (٥)، وقد يكون له في المرض منافع، منها: أن يكون المرض سببًا لامتناعه من سيئات كان يعملها لو كان صحيحًا، وبلاء يندفع عنه في نفسه (وماله) (٦)، فالله أنظر لعبده المؤمن؛ فينبغي له الرضى عن ربه في مرضه وصحته، ولا يتهم قَدَرَه، ويعلم أنه أنظر له من نفسه، ولا يسأله الوفاة عند


(١) "الموطأ" ص ٥٨٦.
(٢) من (ص ٢).
(٣) "الموطأ" ص ٥١٥.
(٤) من (ص ٢).
(٥) سلف برقم (٥٦٥٦).
(٦) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>