للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الداودي: الخيرة من الاستخارة، بفتح الخاء والياء. والخيرة -بسكون الياء- الموت. وفي "الصحاح": الخيرة: الاسم من قولك: خار الله لك في هذا الأمر. والخِيَرَة مثل العِنَبَة: الاسم من قوله: اختاره الله، يقال: محمد خيرة الله في خلقه، وخيرة الله أيضًا بالتسكين (١).

وفقه هذا الحديث: أنه يجب على (المؤمن) (٢) رد الأمور كلها إلى الله، وصرف أزمتها والتبرؤ من الحول والقوة إليه، وينبغي له ألا يروم شيئًا من دقيق الأمور وجليلها حتى يستخير الله تعالى فيه، ويسأله أن يحمله فيه على الخير ويصرف عنه الشر، إذعانًا بالافتقار إليه في كل أمر والتزامًا بالذلة والعبودية له، وتبركًا باتباع سنة نبيه في الاستخارة، ولذلك كان - عليه السلام - يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن؛ لشدة حاجتهم إلى الاستخارة في الحاجات كلها كشدة حاجتهم إلى القراءة في كل الصلوات.

وفيه: حجة على القدرية الذين يزعمون أن الله تعالى لا يخلق الشر، تعالى الله عما يفترون، وقد أبان - عليه السلام - في هذا الحديث أن الله تعالى هو المالك للشر والخالق له؛ إذ هو المدعو لصرفه عن العبد، ومحال أن يسأله العبد أن يصرف عنه ما يملكه العبد من نفسه وما يقدر على اختراعه دون تقدير الله عليه، وسيأتي أيضًا في كتاب القدر.


(١) "الصحاح" ٢/ ٦٥٢.
(٢) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>