للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعض أهل التأويل في قوله: {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} هي الخيرات، فالمعنى: نسارع فيه، ثم أظهر فقال: {فِي الْخَيْرَاتِ} أي: نسارع لهم في الخيرات. والخبر محذوف، والمعنى: نسارع لهم به. وقيل: (أنه ما) (١)، فالمعنى: نسارع لهم، وقرئ بالياء مضمومة وكسر الراء (٢)، وهذا على حذف، أي: الإمداد ويسارع لهم به في الخيرات.

والمراد بالحديث: ليس حقيقة الغنى كثرة متاع الدنيا؛ لأن كثيرًا ممن وسع الله عليه في المال يكون فقير النفس لا يقنع بما أعطى فهو يجهد دائمًا في الزيادة ولا يبالي من أين يأتيه، فكأنه فقير من المال لشدة شرهه وحرصه على الجمع، وإنما حقيقة الغنى غنى النفس الذي استغنى صاحبه بالقليل وقنع به، ولم يحرص على الزيادة فيه، ولا ألح في الطلب، فكأنه غني واجد (٣) أبدًا، وغنى النفس: هو باب الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره، علما أن ما عند الله خير للأبرار. وفي قضائه لأوليائه الخيار.

روى الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارض بما قسم لك تكن أشكر الناس" (٤).


(١) في (ص ٢): (أما).
(٢) انظر: "مختصر شواذ القرآن" لابن خالويه ص ١٠٠.
(٣) في الأصل: واجدًا والمثبت من (ص ٢)، وهو الصحيح.
(٤) رواه الترمذي (٢٣٠٥)، وأحمد ٢/ ٣١٠، بلفظ: "تكن أغنى الناس". قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (٨٠٨١): في إسناده ضعف، ولكنه يكون صحيحا لغيره.
وقال الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب" (٢٣٤٩، ٢٥٦٧): صحيح لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>