الله، والصبر عن محارم الله (١). وقال الحسن: وجدت الخير في صبر ساعة.
فصل:
الصبر في حديث المغيرة صبر على العمل بطاعة الله؛ لأنه - عليه السلام - كان يصلي بالليل حتى ترم قدماه، ويقول:"أفلا أكون عبدًا شكورا؟! " واختلف السلف في حد الشكر كما قال الطبري، فقال بعضهم: شكر العبد ربه على أياديه عنده، ورضاه بقضائه وتسليمه لأمره فيما نابه من خير أو شر. ذكره الربيع بن أنس، عن بعض أصحابه. وقال آخرون: شكر العبد طاعته لربه، روِي ذلك عن السدي ومحمد بن كعب.
وقال آخرون: هو الإقرار بالنعم أنها لله وأنه المتفضل بها، وقالوا: الحمد لله والشكر معنى واحد، روي ذلك عن ابن عباس وابن زيد.
قال الطبري: والصواب في ذلك أن شكر العبد هو إقراره بأن ذلك من الله دون غيره، إقرارًا بحقيقة الفعل ويصدقه العمل، فأما الإقرار الذي يكذبه العمل فإن صاحبه لا يستحق اسم الشاكر بالإطلاق، ولكنه يقال: شكر باللسان، والدليل على صحة ذلك. قوله تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}[سبأ: ١٣] ومعلوم أنه لم يأمرهم، إذ قال لهم ذلك بالإقرار بنعمته؛ لأنهم كانوا لا يجحدون أن يكون ذلك تفضلا منه عليهم، وإنما أمرهم بالشكر على نعمه بالطاعة له بالعمل. وكذلك قال نبينا حين تفطرت قدماه ما سلف.
فإن قلت: أي: المنزلتين أعلى الصبر أو الشكر؟ قيل: كل رفيع الدرجة شريف المنزلة، وما ذو العافية والرخاء، كذي الفاقة والبلاء