للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال عمر بن عبد العزيز لرباح بن عبيد: بلغني أن الرجل ليظلم بالمظلمة، فما يزال المظلوم يشتم ظالمه حتى يستوفي حقه ويفضل الظالم عليه، وروى أسدٌ عن الحسن البصري قال: لا يبلغ أحد حقيقة الإيمان حتى لا يعيب أحدًا بعيب هو فيه، وحتى يبتدئ بصلاح ذلك العيب من نفسه؛ فإنه إن فعل ذلك لم يصلح عيبًا إلا وجد في نفسه عيبًا آخر، فينبغي له أن يصلحه، فإذا كان المرء كذلك كان شغله في خاصته واجبًا، وأحب العباد إلى الله من كان كذلك.

فصل:

قد أسلفنا أن المراد بـ "ما بين لحييه": اللسان، فلم يتكلم بما يكتب عليه صاحب الشمال، وبـ "ما بين رجليه" يعني: فرجه، فلم يستعمله فيما لا يحل، ودل بهذا الحديث أن أعظم البلاء على العبد في الدنيا اللسان والفرج، فمن وفي شرهما فقد وقي أعظم الشر، ألا ترى قوله: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يلقى لها بالًا .. " إلى آخره.

وقال أهل العلم: هي الكلمة عند السلطان بالبغي والسعي على المسلم، فربما كانت سببًا لهلاكه، وإن لم يرد ذلك الساعي، لكنها آلت إلى هلاكه؛ فكتب عليه إثم (تلك) (١)، [و] (٢) الكلمة التي يكتب الله له بها رضوانه، الكلمة يريد بها وجه الله بين أهل الباطل، أو الكلمة يدفع بها مظلمة عن أخيه المسلم، ويفرج عنه بها كربة من كرب الدنيا؛ فإن الله يفرج عنه كربة من كرب الآخرة ويرفعه بها درجات يوم القيامة.


(١) في الأصل: ذلك، وفي الهامش: صوابه تلك، وهو ما أثبتناه.
(٢) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>