للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجوز أن يكون جعل الله لهما إلى علم ذلك سبيلا، كما يجعل لكثير من أنبيائه السبيل إلى كثير من علم الغيب، وقد أخبر الله تعالى عن عيسى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لبني إسرائيل {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} [آل عمران: ٤٩]، وقد أخبر نبينا - عليه أفضل الصلاة والسلام - بكثير من علم الغيب، قالوا: فغير مستنكر أن يكون الكاتبان الموكلان بابن آدم قد جعل لهما سبيل إلى علم ما في قلوب بني آدم من خير أو شر فيكتبانه إذا حدث به نفسه أو عزم عليه، وقد قيل: إن ذلك بريح يظهر لهما من القلب.

سئل أبو معمر عن الرجل يذكر الله بقلبه كيف يكتب الملك، قال: يجد الريح، وسيأتي في كتاب الاعتصام (١) في باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨] اختلاف السلف في أي الذكرين أعظم (ثوابًا) (٢)، ذكر القلب أو اللسان، قال جماعة بالثاني، روي ذلك عن أبي عبيدة وعبد الله بن مسعود، والصواب في ذلك -كما قال أبو جعفر- الأول، (لمن) (٣) لم يكن إمامًا يقتدى به لا سيما إن كان في محفل اجتمع أهله لغير ذكر الله أو في سوق، وذلك أنه أسلم له من الرياء، وقد روينا في حديث سعد ابن أبي وقاص - رضي الله عنه - مرفوعًا: "خير الرزق ما يكفي، وخير الذكر الخفي" (٤).


(١) ورد في هامش الأصل: إنما هذا الباب في كتاب التوحيد، وقد وقع له مثل ذلك مرارا، والله أعلم.
(٢) في الأصل: (تقربا).
(٣) في الأصول: (فمن)، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٤) رواه أحمد ١/ ١٧٢ وابن حبان ٣/ ٩١، والبيهقي في "شعب الإيمان" ١/ ٤٠٧. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٢٨٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>