للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وآخرة الرحل): ما يستند إليها الراكب، قال يعقوب: ولا تقل مؤخرة (١). وقال غيره: هي لغة قليلة، وقال الداودي: إنها العود الذي يكون بين وركي الراكب. قال: والرحل: سرج الجمل، وقال الجوهري: الرحل: رحل البعير، وهو أصغر من القتب (٢).

وقوله: ("ما حق العباد على الله؟ ") يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون خرج مخرج المقابلة في اللفظ، كقوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ} [آل عمران: ٥٤]؛ لأنه قال في أوله: "ما حق الله على عباده؟ " فأتبع الثاني الأول.

والثاني: أن يكون أراد حقًّا شرعيًّا لا واجبًا بالعقل كقول المعتزلة، وكأنه لما وعد تعالى صار حقًّا من هذِه الجهة؛ لأنه لا يخلف الميعاد. وقال الداودي فيه: أنه جعل على نفسه حقًّا بفضله وعدله، خلافًا لقول بعض الناس: إنه لو شاء عذب الخلق جميعًا، وفيهم من لا ذنب له.

قلت: وهذا هو مذهب أهل الحق.

فصل:

(وجه مناسبة هذا الحديث للترجمة مجاهدة النفس بالتوحيد؛ فإنه لا يأمر مخير) (٣)، وجهاد المرء نفسه: هو الجهاد الأكبر، وحرب العدو الأصغر، قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)} [النازعات: ٤٠، ٤١]. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأصحابه وقد انصرفوا من الجهاد "أتيتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، قالوا: وما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال:


(١) "إصلاح المنطق" ص ٢٨٤.
(٢) "الصحاح" ٤/ ١٧٠٧.
(٣) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>