للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل: المعنى أن الصور إذا نفخ فيه أخرى كنت أول من يرفع رأسه، فإذا موسى، فلا أدري أبعثه قبلي كان -وهذا له تفضيل من هذا الوجه كما فضل في الدنيا بالتكليم -أو جوزي بصعقة الطور، أي: قدم بعثه على بعث الأنبياء بقدر صعقته عندما تجلى ربه للجبل، إلى أن أفاق، ليكون هذا جزاءً له بها، وما عدا هذا فلا يثبت.

قال أبو العباس القرطبي: ظاهر الحديث يدل على أن ذَلِكَ إنما هو بعد النفخة الثانية -نفخة البعث- ونص القرآن العظيم يقتضي أن ذَلِكَ الاستثناء إنما هو بعد نفخة الصعق، ولما كان هكذا قال بعض العلماء: يحتمل أن موسى - عليه السلام - ممن لم يمت من الأنبياء، وهذا باطل مما تقدم من ذكر موته - عليه السلام - (١).

وقال البيهقي: وجه هذا الحديث عندي -والله أعلم- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن رؤيته جماعة من الأنبياء ليلة المعراج في السماء، وإنما يصح ذَلِكَ على أن الله تعالى رد إليهم أرواحهم، فهم أحياء عند ربهم كالشهداء، فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا فيمن صعق، ثم لا يكون موتًا في جميع معاقبه إلا في ذهاب الاستشعار، فإن موسى فيمن استثنى الله بقوله: "إلا من شاء الله" فإنه تعالى لا يذهب استشعاره في تلك الحالة، ويحاسب بصعقة يوم الطور (٢).

وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد بهذِه صعقة فزع بعد النشر حين تنشق السماوات والأرض (٣).

قال القرطبي: والذي يزيح هذا الإشكال أن الموت ليس بعدم


(١) "المفهم" ٦/ ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٢) "شعب الإيمان" ١/ ٣١٠.
(٣) "إكمال المعلم" ٧/ ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>