استروح بعض شيوخنا من شراحه فقال: أبوابه كلها تقدمت ولم يزد، ثم انتقل إلى الأيمان والقدر، وهذا كما فعل في الأدب إلى الاستئذان حيث تفرد في نحو أربع ورقات بخطه، وهو في كتاب البخاري نفسه ثلاث وعشرون ورقة، وقد شرحناه بحمد الله في نحو نصف جزء كما سلف.
وما خاب المثل: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وعلى تقدير سبقها فتراجم البخاري وفقهه في أبوابه وصناعته في إسناده، أين تذهب؟ وللحروب رجال، فمن يتصدى لهذا الكتاب الجليل، ويعمل فيه هذا العمل القليل، في كثير مع عدم التحرير والتصحيف والتحريف والتكرار والنقص والتقليد والتقديم والتأخير؟! والله المستعان (١).
(١) في هامش الأصل ما نصه: أظن بل أجزم أنه أراد به شيخه الحافظ علاء الدين مغلطاي، لم يرد الحافظ قطب الدين عبد الكريم الحلبي، وذلك لأن قطب الدين أجازه فقط ولم يقرأ عليه، وانتفع به، بخلاف مغلطاي فإنه قرأ عليه وانتفع به، وقد قرأ عليه قطعة من شرحه لهذا الكتاب من أوائله كما رأيت، وفي آخر كلام شيخنا ما يريد إلى ما ذكرته، وذلك قطب الدين شرحه مسودة لم يبيضه، وما أظن شيخنا، وقف عليه كله، وقد رأيت عنده بخط قطب الدين، وهو خط غلق، وقطب توفي سنة أربع وثلاثين بل خمس وثلاثين في سلخ رجب، وكان شيخنا إذ ذاك له عشر سنين وزيادة، وأخبرني أنه عرض عليه "العمدة" لعبد الغني وأجازه، ورأيت خطه معه عليها، والعرض في سنة أربع وثلاثين وستمائة، والله أعلم، وقد قال ابن رافع في "معجم شيوخه" أنه كتب قطعة كبيرة من شرح البخاري، فصريح هذا أنه لم يكمل شرحه يعني: الشيخ قطب الدين.