للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال المهلب: فأخبر - عليه السلام - أن الباري خالق لحول العبد وقدرته على مقدوره، وإذا كان خالقًا للقدرة فلا شك أنه خالق للشيء المقدور، فيكون المقدور كسبًا للعبد خلقًا لله، بدليل قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: ١٦]، وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩]، قال محمد بن كعب القرظي: نزلت هذِه الآية الأخيرة تعييرًا لأهل القدر (١)، والدليل على أن أفعالهم خلق لله أن أيديهم التي عندهم هي خالقة لأعمال الشر من الظلم والتعدي، وفروجهم التي هي خالقة للزنا، قد توجد عاطلة من الأعمال عاجزة عنها.

ألا ترى أن من الناس من يريد الزنا، وهو يشتهيه بعضو لا (آفة) (٢) فيه، فلا يقدر عليه عند إرادته للزنا، ولو كان العبد خالقًا لعمله لما عجزت أعضاؤه عند إرادته ومستحكم شهوته، فثبت أن القدرة ليست لها، وأنها لمقدرٍ يقدرها إذا شاء، ويعطلها إذا شاء، لا إله إلا هو.

فصل:

وإنما أمرهم بالربع على أنفسهم على جهة الرفق بهم، وقد سلف هذا المعنى في الجهاد في باب ما يكره من رفع الصوت بالتكبير. وعرفهم - عليه السلام - أن ما يعلنون به من التكبير ويجتهدون فيه من الجهاد، هو فضل الله عليهم، إذ لا حول لهم ولا قوة (في شيء منه) (٣) إلا بالله الذي أقدرهم عليه، وحببه إليهم، وإن كان فيه تلاف نفوسهم، رغبة في جزيل الأجر وعظيم الثواب.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" ١١/ ٥٦٩ (٣٢٨٣٨).
(٢) في الأصل: أثر، والمثبت من (ص ٢).
(٣) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>