تكذيب النبي الصادق، فكان زيادة في طغيانهم، وكذلك جعل الشجرة الملعونة في القرآن فتنة، فقالوا: كيف تكون في النار شجرة النار تحرق الشجر اليابس والأخضر، فجعل ذَلِكَ فتنة تزيد في ضلالهم، فلا يؤمنون على ما سبق في علمه.
قال غيره: وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا} الآية يقتضي خلق الله للكفر به، ودواعي الكفر هي الفتنة، وذلك عدل منه تعالى، وهذا مثل قوله تعالى:{وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ}[إبراهيم: ٢٧]، فهذا عام في فعله تعالى، كفر الكافرين، وإيمان المؤمنين، ودواعي الإيمان والكفر، خلافًا لمن زعم أن الله تعالى غير خالق أعمال العباد، وقد سلف أن الله تعالى قال:{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ}[الصافات: ٦٤] فأخبر تعالى أنها تنبت في النار، وهي مخلوقة من جوهر لا تأكله النار، كسلاسل النار، وأغلالها، وعقاربها، وحياتها، وليس شيء من ذَلِكَ من جنس ما في الدنيا بما لا يبقى على النار، وإنما خلقت من جنس لا تأكله النار، وكما خلق الله تعالى في البحار من الحيوان ما لا يهلك في الماء، وخلق في الخل دودًا يعيش فيه، ولا يهلكه، على أن الخل يفت الحجارة، ويهري الأجسام، ولم يكن ذَلِكَ إلا لموافقة ذَلِكَ الدود لجنس الخل، وموافقة حيوان البحر لجنس الماء، فكذلك ما خلق في النار من الشجر والحيوان موافق لجنس النار، والله تعالى قادر أن يجعل النار بردًا وسلامًا، وأن يجعل الماء نارًا؛ لأنه على كل شيء قدير، فما أنكره الكفار من خلق الشجر في النار عناد بيِّن، وضلال واضح، أعاذنا الله - منه برحمته (١).