"ودرك الشقاء": إدراكه الإنسان، وهو ما يدركه في دنياه من شدة المعيشة، ووصول الضرر من جهدها، والشقاء يمد، ويقصر.
"وسوء القضاء": ما يسوء الإنسان منه ويحزنه.
"وشماتة الأعداء": فرحهم بما يدرك عدوهم من مكروه. قيل: وهي من أصعب البلاء. ألا ترى قول هارون لأخيه عليهما السلام:{فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ}[الأعراف: ١٥٠]
فصل:
إنما أمرنا بالتعوذ به تعالى من أن ينزل بنا فعلًا من أفعاله، يشق علينا نزوله بنا لما يقتضيه من الشدة والمشقة، وذلك بلاء وشقاء وسوء قضاء وشماتة أعداء، فالشقاء يكون في الدين والدنيا، وإذا كان في الدنيا كان تضييقًا في العيش، وتقتيرًا في الرزق، كما مر، وذلك فعل الله، وإن كان في الدين فذلك كفر ومعصية، وذلك فعله تعالى أيضًا.
وكذلك "سوء القضاء" عام في جميع ما قضاه الله تعالى في أمر الدين والدنيا، "وشماتة الأعداء" وإن كانت مضافة إليهم إضافة الفعل إلى فاعله في الظاهر، فإنما ذَلِكَ على سبيل إضافة الكسب إلى مكتسبه، لا على سبيل الاختراع، إذ لا يصح في المخلوق اختراع عين، فبان أن جميع ما أمرنا بالتعوذ منه تعالى خلق لله، بدليل قوله:{اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد: ١٦]
فصل:
المستفاد من قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)} [الفلق: ١]، إلى آخر السورة: خلق الله تعالى لشر ما خلق، ولشر غاسق، ولشر النفاثات، ولشر حاسد؛ لأنه لو كان هذا الشر كله خلقًا لمن أضافه