للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعلة، ولا إذلاله بعلة، بل هما حاصلان بالقضاء والمشيئة.

وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: ١٠]، وقوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨] فكيف الجمع بينهما، فإن إحدى الآيتين توجب انفراده تعالى بالعز، والثانية تشير إلى أن لغيره عزًّا. قيل: ولا منافاة بينهما في الحقيقة؛ لأن العز الذي للرسول وللمؤمنين، فهو لله ملكًا، وخلقًا، وعزه سبحانه له وصفاته، فإذًا العز كله لله بقوله: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} يريد: صاحب العزة ومستحقها وهي نهاية العزة، وغايتها التي لم يزل موصوفًا بها قبل خلقه الخلق، التي لا تشبه عزة المخلوقين. ألا ترى أنه تعالى نزه نفسه بها، فقال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)} [الصافات: ١٨٠] ولا ينزه نفسه تعالى، ويقدس إلا بما يباين فيه صفات عباده، ويتعالى عن أشباههم، إذ ليس كمثله شيء.

فصل:

اختلفوا فيمن حلف بالقرآن، أو المصحف، أو بما أنزل، فروي عن ابن مسعود أن عليه لكل آية كفارة يمين (١)، وقد أسلفنا حكايته، وهو قول الحسن البصري، وأحمد بن حنبل. وقال ابن القاسم في "العتبية": إذا حلف بالمصحف كفارة يمين، وهو قول الشافعي فيمن حلف بالقرآن. قال: القرآن كلام الله، وإليه ذهب أبو عبيد، وقال أبو عبيد: من حلف بالقرآن فلا كفارة عليه، وهو قول عطاء، وروي عن علي بن زياد، عن مالك نحوه، غير أن المعروف عن مذهبه ما يخالف هذِه الرواية.


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٨/ ٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>