للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه الكفارة، إذ جعل بمنزلة من لم يحلف. ألا ترى قول أبي قلابة في قوله: لا والله، وبلى والله. أنها في لغة العرب ليست بيمين، وحكي أقوال أخر في لغو اليمين:

أحدها: رواية طاوس، عن ابن عباس قال: اللغو أن يحلف الرجل وهو غضبان.

ثانيها: قال الشعبي: إنه كل يمين على معصية فليست لها كفارة، ثم قال: لم يكفر للشيطان.

ثالثها: قول سعيد بن جبير: إنه تحريم الحلال، كقول الرجل: هذا الطعام علي حرام. فأكله فلا كفارة عليه، وحكى أبو عمر هذا، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ثم قال: وروي عن سعيد بن جبير، رواه عنه أبو بشر وداود بن أبي هند أيضًا. قال القاضي إسماعيل: وقول سعيد بن جبير ليس على مجرى ما ذهب إليه أهل العلم، فلا حجة له، وإنما يرجع معنى قوله إلى معنى الحديث الذي فيه: "فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" لأن من حلف أن لا يأكل طعامًا، أو لا يدخل على أخيه، فقد حرم على نفسه ما أحل الله له. ثم قال غيره: وأما قول ابن عباس: اللغو يمين الغضبان. وإنما يشبه الغاضب لمن لم يقصد إلى اليمين ولا أراده، وكأنه غلبه الغضب، فهو كمن لم ينو اليمين، فلا كفارة عليه، وهذا معنى ضعيف؛ لأن جمهور الفقهاء على أن الغاضب عندهم قاصد إلى أفعاله، والغضب يزيد تأكيدًا وقوة في قصده، وسيأتي مذاهب العلماء فيمن حلف على معصية أو نذرها قريبًا في باب: النذر فيما لا يملك. "ولا نذر في معصية" (١).


(١) "شرح ابن بطال" ٦/ ١٢٢ - ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>