وهذا كله لا حجة لهم فيه؛ لأن ما ذكروا من الأحاديث ليس في شيء منها إسقاط الكفارة ولا إيجابها، كما أنه ليس فيها ذكر للتوبة أصلاً، وإنما فيها الوعيد الشديد بالعقاب.
قال ابن حزم: وبالحس والمشاهدة ندري نحن ومن خالفنا أن الحالف باليمين الغموس لا يسمى مستلجًّا في أهله، فبطل احتجاجهم في إسقاط الكفارة.
وأما حديث حماد بن سلمة وسفيان فطريق سفيان لا يصح، ولئن صحت طريق حماد فليس فيها لإسقاط الكفارة ذكر، وإنما فيه أن الله قد غفر له بالإخلاص فقط، وليس كل شريعة توجد في كل حديث، ولا شك في أنه مأمور بالتوبة من تعمد الحلف على الكذب، وليس في الخبر لها ذكر، فإن كان سكوته - صلى الله عليه وسلم - عن ذكر الكفارة حجة في سقوطها، فسكوته عن ذكر التوبة حجة في سقوطها ولا بد، وهم لا يقولون بهذا.
فإن قالوا: قد أمر بالتوبة في نصوص أخر. قلنا: وكذلك أمر بالكفارة في نصوص أخر، فإن احتجوا بقوله:"لا أحلف على يمين … " الحديث.
قلنا: لا حجة لكم فيه؛ لأن الكفارة عندنا وعندهم تجب في غير الصورة، وهو من حلف على يمين فرأى غيرها شرًّا منها ففعل الذي هو شر فإن الكفارة عندنا وعندهم واجبة عليه في ذلك.
قال: وأما قولهم هي أعظم من أن تكفر، فمن أين لهم هذا؟ وأين وجدوه؟ وهل هذا إلا بحكم منهم فيعارضون بأن يقال لهم كل ذنب عظيم كان صاحبه أحوج إلى الكفارة، وكانت أوجب عليه منها فيما ليس ذنبًا أصلاً، أو فيما هو صغير من الذنوب، هذا المتعمد في